مجال الشورى هو أولا وقبل كل شيء (انتخاب رئيس الدولة المسلمة) ثم يعين في عقد البيعة، أو تفوض الأمة ممثليها لرسم صلاحيات الرئيس المفوضة، وصلاحيات الرئيس المقيدة بشورى الأمة أو ممثليها، كالقرارات المصيرية في الحرب والصلح وإدارة الاقتصاد ونحوها

ينبغي تقرير هذه المسائل بحنكة الفقيه الذي يراعي الواقع، ويراعي تنزيل النصوص على الصورة الصحيحة، وألا يكون الفقيه مغفلا وأداة بيد التغريبيين

يجب أن نحاول الإصلاح السياسي من الداخل، وتكثير العدل الشرعي وتخفيف الظلم؛ دون أن نخسر علاقتنا بحبيبنا محمد ﷺ فماذا تساوي صناديق الاقتراع في العالم كله إذا أسأنا بنصف كلمة لرسول الله ﷺ ؟!

من أصول السياسة الشرعية أنه لا تصويت ولا تخيير في الأحكام المنصوصة

إن مسألة شورى التدبير ليست ذات خطر كبير، لأن الجرح النازف في واقع المسلمين السياسي هو (شورى التولية)، وهو الذي إذا صَلٌح صلح ما بعده بإذن الله

هذا التكييف للإمامة والولاية والبيعة بأنها "عَقد" هو تكييف عظيم له آثار جوهرية بليغة، فمعنى كونه عقدا أنه يجري فيه ما يجري في العقود الشرعية

الطرق المحرمة للولاية سبعة هي: الاستبداد، الأثرة، التأّمر (التغلب)، الهرقلية (التوريث)، الملكية الجبرية، الملك العضوض، وغصب الأمر

بعض الناس يتحسس من لفظ "الأغلبية" وهذا غير دقيق، بل المُعتَبر في الشورى والانتخاب هو الأغلبية

استعمل الفقهاء لمَن يعقد البيعة ويحِلها مصطلحًا مسبوكًا من لفظ العقود نفسها، فسموهم (أهل الحل والعَقد) أي الذين يحِلون ويعقدون العقد

لاحظ كيف طلب يوسف عليه السلام المشاركة السياسية في نظام حكم وثني، وخصص وزارة المالية وعرض على الملك مؤهلاته في الضبط المحاسبي، ثم لاحظ كيف جعل الله ذلك نجاحاً وسماه "تمكيناً"

إزاء الاختلاف الواسع في تفسير وتطبيق مبدأ فصل السلطات، فالراجح قطعًا هو أنها موكولة لاختيار الأمة، لأنها مسألة إجرائية، والولاية عقد سياسي شرعي، خاضع للشروط الجعلية التي يشترطها المبايعون

إن استغفال التغريبيين لبعض المتفقهة، واستدراجهم لبعض الفتاوى لاستغلالها في تغريب الفتاة المسلمة، هو الذي تسبب في تحسس الناس، وارتيابهم في كثيرٍ من القرارات التي تقف خلفها جهات معينة عرفت بذلك

تعتبر كثير من النظم السياسية المعاصرة قضية (الرقابة والمحاسبة) حقا للشعب، لكنها في (السياسة الشرعية) تتبوأ تكييفا أعظم من ذلك، وتعتبرها (فرض كفاية) على الأمة، وليس مجرد (حق للشعب)

لا يختلف فقهاء الإسلام أن وظيفة الدولة المسلمة في الأصل هي (إقامة الدين) وتتضمن: هيمنة الشريعة، ونشر العدل، وحفظ حقوق الناس، وحماية كرامة المسلم، وحفظ الحريات الشرعية

الطرق والآليات الانتخابية المتفاوتة يُرجع في تحديد الأفضل منها إلى الأمة (مباشرة أو عبر ممثليها)، لتحديد الأنسب لها، لأنها مسائل إجرائية، والولاية عقد سياسي شرعي، وتخضع هذه المسائل للشروط الجعلية

الأصل الأعظم الذي تُرَد إليه مسائل السياسة الشرعية كلها، وهو مدار السياسة الشرعية حقًا، هو (التكييف الفقهي للولاية والإمامة)

ذكرت النصوص التأمر في سياق الذم، وهو الذي سمّاه أهل العلم لاحقا (التغلب) أو (القهر) أو (الاستيلاء) أو (الشوكة) أو (التسلط)، هذه الألفاظ ترد في كتب العقيدة والفقه وشروح الحديث والمعنى واحد !

النظم المخالفة للشريعة لا يجوز إنشاؤها ابتداءً، لكنها إذا قامت واستقرت فإنه يُشرع المشاركة فيها للمصلحة الراجحة؛ لتكثير العدل الشرعي وتخفيف الظلم، سواءً كان الحكم استبداديا أو ديمقراطيا

إن قيدت الأمة تصرفات الإمام فاشترطت عليه مثلا أن يُشاور الأمة، أو ممثليها، في قرارات الحرب والصلح وصفقات الاستيراد الكبرى ونحوها، فإن إمامته تتقيد بذلك، وتصبح الشورى هاهنا مُلزِمة، لأن عقد الإمامة تقيدَ بها